أمتزجت ضحكات الصغيرة برذاذ مياة البحر..
وارتدت على وجنتيها الصغيرتين فمنحتهما المزيد من النضارة والبراءة.
بحذر لذيذ.. بدأت الصغيرة رحلتها إلى البحر... تقترب وهى جالسة تزحف خطوة وتنتظر قدوم الآمواج... يأتى الموج سريعاَ متلهفاَ لإضحاكها بعد أن مل من رؤية الوجوه العابسة ....
تضحك الصغيرة بقلب صاف وعيون بريئة محبة للحياة وللبشر...يبتعد الموج حينا .. تزداد شجاعة الصغيرة صاحبة العامين..
وتخطو للأمام خطوتين وتلمع عيناها بشقاوة ومرح: وهى تقول للبحر ... أنا قادمة...
تأتى الأمواج ... تغمر الصغيرة .. تصرخ من الإثارة ... فقلبها الطاهر لم يتدنس بمعرفة الخوف.. تصفق بيديها .. وتربت بهما على الرمال المحيطة بها ... تكتشف نعومة الرمال المتشربة بمياة البحر ... سرعان ما تقع فى غرامها....
تحتضنها بيديها .. تضعها بالقرب من وجنتيها , تستشعر ملمسها الناعم .. تضع بعضا منها على قدميها ورجليها تأتى الأمواج مسرعة لتداعب الصغيرة ولتستمتع بالمزيد من الضحكات النقية ... ليستطيع البحر الصمود وسط تلوث البشر الخارجى والداخلى ...
فجأة تغمر الأمواج المتلاحقة الصغيرة وكأنها تريد اختبارها والتعرف على رد فعلها...
دعت الإمواج الخالق أن تصمد الصغيرة فى الأمتحان .
استجاب الخالق لصدق دعاء الأمواج ودعم فطرة الصغيرة...
تخلصت الصغيرة من الذعر المفاجئ الذى هاجمها بعد أن غمرتها مياه البحر .. ونفضت المياه عن شعرها وهزت رأسها وكأنها تطردها من أنفها أيضاَ...
وبود نظرت للبحر قائلة : أنت حبيبى ولا أخاف منك ... ولا أخاف أحداَ.
مرت الأعوام ... وكبرت الصغيرة ..
احتفلت ببلوغ عامها العشرين ..
اختفى المرح والشقاوة من عينيها ومن عالمها ...
حل محلهما الحذر والخوف من كل شئ .. من البشر .. البحر .. الحياة..
لم تصمد أمام واقع غبى يحض من يعيشه على الهرب من الحياة الحقيقية والأكتفاء بمشاهدة الساعات والأيام والسنوات وهى تتسرب أمام الآعين ...
الكاتبة : نجلاء محفوظ / حدث ويحدث